الموروث الشعبي يمثّل الوجدان الفردي والجمعي
7/11/2007
العرب اليوم - شيرين القطاونة
القاص والاديب نايف النوايسة من الادباء الذين ارتبطوا بالموروث الشعبي وحققوا مكانة متميزة وهامة حفرت في سطور الادب الاردني. وكان له دور كبير في اعادة البريق لاماكن كثيرة عبر السجل التاريخي الذي ابرز عددا كبيرا من الاماكن التراثية في الاردن, ليعيد للاماكن روحها عبر حالة من الحضور الذهني للصورة والكلمة, وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين وعضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ورئيس منتدى جماعة درب الحضارات في الأردن. اصدر أربعة عشر كتابا. واعد أكثر من برنامج للإذاعة الأردنية وإذاعة الأمن العام. وكتب في الصحف اليومية كلها وفي المجلات الثقافية الأردنية وبعض المجلات العربية. وشارك في العديد من المؤتمرات والملتقيات والندوات في الأردن والخارج. وكتبت عنه رسالة ماجستير.
* كيف تنظر إلى الأدب الأردني وهل أصبح له هوية خاصة?
- عرفنا الأدب الأردني منذ تحديد مفهوم الدولة الأردنية الحديثة سنة ,1921 فمنذ ذلك الوقت ونحن نتابع الإبداعات الأدبية من شعر وقصة ورواية ومسرح ومقالة ونرصدها تاريخيا ونقدا, بمعنى أن هناك أدبا في الأردن نشهد أولياته على ساحة أدبية مستقلة وابتدأ في رأيي الشخصي مع ابتداء إمارة شرق الأردن, وحمل هذا الأدب خصوصية هذه الفترة وظهرت عليه بصمات المراحل اللاحقة حتى زماننا الحالي.
كل ذلك يؤكد تمتع أدبنا الأردني بهويته الخاصة من حيث المكان والإنسان والقضايا المحلية والعربية والإنسانية, ولست ازعم إذا قلت ان دراسة الأدب الأردني دراسة غير مستقلة وموضوعية هي ظلم وجموح فوق الحقائق.
لقد حقق الأدب الأردني امتدادا في الداخل والخارج سواء على مستوى الإصدارات أو مشاركات الأدباء أو الدراسات النقدية التي تتناوله بحيث يشهد ذلك كله على حضور هذا الأدب وفاعليته وانه ليس أدبا ذيليا أو ملحقا بغيره كما يصور البعض, وانتهي إلى ان في الأردن أدبا حقيقيا له خصوصيته واستقلاله في إطار الأدب العربي على امتداده.
* لماذا تركز دائما في كتاباتك على الأدب والموروث الشعبي, هل تعتقد أن الأدب الأردني مقصر في هذا الجانب?
- أؤمن بحقيقة هي أن الجذر إذا انقطع عن الشجرة فان الشجرة محكوم عليها بالموت والتحول إلى مجرد "حطبة" ملقاة بين الإقدام; فالجذر هو التراث ومن دونه ينقطع المثقف على وجه الخصوص عن عمقه الزمني الذي يثبّت صورته الخاصة وإسهاماته الإنسانية في سجل الانجاز البشري, من هنا جاء اهتمامي بالموروث الشعبي الذي يمثّل الوجدان الفردي والجمعي, ووجدت فيه الكثير من اللوحات الإنسانية التي يمكن إعادة إنتاجها على نحو يخدم المستقبل والتطلعات ولا يخل بالهوية الخاصة لهذا التراث.
واعتقد أن الأدباء الأردنيين انتبهوا إلى غنى تراثنا بالرموز والإشارات الدالّة وتمكن العديد منهم من توظيف اللوحات التراثية في إبداعاتهم خاصة تلك التي تعالج قضايا إنسانية عامة أو تشبك ما بين البعد المحلي الخاص والابعاد الإنسانية العامة; فلو نظرت في بعض قصصي ستجدين هذه الحقيقة ماثلة في " دمعة أبو طليب, والبرقع والتحدي, وخرمان, ورحيل الطيار, وباقة ورد, والمسافات الظامئة, والشجرة الشيطان, وحمدة, وغيرها من القصص " وتجدين مثل ذلك في مسرحية الرياحين وقصص الأطفال التي كتبتها مثل "أبو المكارم" و"الرجل الطائر" و"العصفور المنكوب" كما تجدين هذا التمثل التراثي في جملة النصوص الأدبية التي ضمها كتابي" من دفاتر المساء".
وأنا لا أدعو إلى إحياء التراث في واجهات نتاجاتنا الأدبية كما هو لكن اشدد على الدعوة لدراسة التراث الشعبي وتحليله واستخراج النماذج الحية والايجابية منه وإجراء المثاقفة بينها وبين الإبداع الأدبي, وقد ظهر ذلك واضحا في أعمال عدد من الأدباء الاردنيين مثل سليمان القوابعة وعماد مدانات وطه الهباهبة وفؤاد القسوس وفخري قعوار ورفقه دودين وممدوح أبو دلهوم ويوسف حمدان وغيرهم كثير.
* أنت مهتم بأدب الأطفال وذلك واضح من خلال مجموعة الأولاد والغرباء وحكاية الكلب وردان ومجموعة أبو المكارم, هل الأدب المخصص للأطفال يلقى اهتماما في وقتنا الحاضر وهل هو مع بناء شخصية الطفل أم هدمها?
- نعم أنا مهتم بأدب الأطفال وسأظل ; يقينا مني ان هذا الأدب بسويته الفنية العالية قادر على غرس القيم الايجابية والجمالية عند الأطفال وتعديل سلوكهم, وهذا يعود للأديب نفسه بما يؤمن, وما يحمل من رؤى, وما يتمتع بقدرة أسلوبية على صياغة ذلك كله في قالب قصصي للأطفال, مقنع لهم, ويمتلك متلقيه ويشتغل عليه كمشروع إنساني قابل للحياة.
اعتقد أن هذا الجنس الأدبي إذا أحسن كاتبه صياغة قصصه بمستوى جمالي عال وقدم أفكارا تستحق عناء القراءة فإنه يبني شخصية الطفل ولا يهدمها. وإذا ما نظرنا في الحراك الأدبي في الدول التي تحيط بنا سنجد مساحة جيدة لأدب الأطفال, لان هناك احتراما قائما بين المبدع والمتلقي.. وهذا ما أتمناه.
* بعد مسرحية "الرياحين" هل من أعمال مسرحية جديدة?
- لقد أعجبت بفن المقامة بما تكتنز من أفكار ومفاهيم وحكايات وفضاءات إنسانية حالمة, وقرأت أعمالا كثيرة للمقاميين العرب وأدركت خلال رحلة هذه القراءة أن المقامة محملة بعناصر المسرحية حتى ظننت ان هذا الفن العربي هو مسرح كتب بطريقة جديدة, لذلك أقدمت على تنفيذ تجربة جديدة وفريدة من نوعها حينما اخترت مقامة " الرياحين "للإمام السيوطي وجرّبت عليها بناء نص مسرحي مواز, فولدت مسرحية " الرياحين".
أما هل استمر بكتابة النص المسرحي? فأقول ان النص المسرحي وليد ظروفه الخاصة ودرجة إلحاحه على المبدع... وللعلم فقد كتبت سنة 1980 نصا مسرحيا عنوانه "مواطن من صنف ثان" وتم عرضه في عمان والكرك والطفيلة آنذاك وهو مهيأ للطبع, ولدي فصول مسرحية قصيرة قد اجمعها في كتاب.
* صدرت من فترة قليلة مجموعتك " من دفاتر المساء" وتنتظر صدور عمل جديد حدثنا عن زخم الكتابة لديك.
صدرت لي قبل أيام مجموعة نصوص أدبية عنوانها "من دفاتر المساء" بدعم من وزارة الثقافة ونشر في دار أزمنة وتضم سبعة عشر نصا, وهذه النصوص اقرب إلى الشعر منها إلى أي فن, ويبدو أنني مأخوذ بالجملة الشعرية إلى حد كبير حتى أن بعض النصوص جاءت على هيئة قصائد كاملة, وفي هذه المجموعة يقف القارئ على مفارق المكان الأردني من داخل حالة شعورية خاصة, كما يقف أمام بعض الشخصيات الاستثنائية في تاريخنا وتمثل هذه المجموعة عندي قنطرة مهمة للولوج في عالم الشعر, ويبدو أن المبدع في مراحل لاحقة في حياته يكتشف أن أبوابا أخرى من الإبداع تفتح له دون أن يدري, فالحالة الشعورية في انثيالاتها تختار النوع الأدبي الذي يناسبها, وهذا ما وقعت فيه.
أما الإصدار الثاني الذي سيرى النور خلال الشهر المقبل فهو مجموعة قصصية عنوانها " وشم الصباح " طبع بدعم من أمانة عمان الكبرى ويضم اثنتي عشرة قصة كتبت في فترات سابقة ومن فترة قريبة فرغت من إعداد مخطوطة " السجل المصور للواجهات التراثية المعمارية في الأردن / قسم الطفيلة ". أما المخطوطة الثانية فهي بعنوان "نقوش على كف الاقحوانة" وهي مجموعة من المقالات نشرتها في الصحف المحلية في سنوات خلت. أما المخطوطة الثالثة فهي بعنوان "رشحات قلم " وتضم عددا من قراءات الكتب خلال فترة تقارب ربع قرن من الزمان.
أما المجموعة القصصية التي اشتغل عليها الآن وبدأت تتولّد فسأقدمها لوزارة الثقافة إذا ما قبلت في التفرغ الإبداعي السنة المقبلة, وتحمل هذه المجموعة عنوان (فرج.. نافذة النهار).