أطفال غزة لكم المجد ولنا أكاليل العار
الكاتب:- زكريا النوايسة
المصدر موقع الكاتب زكريا النوايسة
http://zakareya.nawiseh.com
تُبا لوجوهنا النحاسية الجامدة ، التي تمارس نضالها التلفزيوني الأسطوري بأناقة ودم بارد. تُبا لمزاجنا وصراخنا وتظاهراتنا الفارهة ، التي تنتهي بضجيج أصبحنا لا نجيد غيره ، وبضع دمعات تبحث عن الأضواء التلفزيونية لترسمها على وجوهنا حزنا صفيقا ، وحتى إذا ما عدنا الى أوكارنا ، مارسنا بطولاتنا وانتفخنا كديك أمام دجاجته المستكينة.
تُبا لعزائمنا الكرتونية ، و لبطولاتنا ( الدنكوشوتية ) ، ولشجبنا وتنديدنا وتخاذلنا وحذقنا بالانكسار والهزيمة. أطفال غزة ،لكم المجد ولنا أكاليل العار ، لكم الحياة كما تعرفوها ، ولنا نحن جحورنا التي تواري سوءتنا، أطفال غزة ،لكم أنتم وحدكم أن تبصقوا علينا ، وإن كان بصاقكم ثمين فقد تهوي به طائرة إن أردتم ، ولكنني أخشى أنه لن يخدش جبل الخوف الذي يعتلينا. أطفال غزة ،النار اشتد أوارها ، فيالعجبي كيف لا تهربون ؟! تمدون أيديكم الصغيرة الى السماء في كل مرة لتكشفوا عيب حديدهم الملتهب ، فأنتم أشجار باسقة شامخة كنخيل بغداد المكروبة، نعم أنتم من أرض لم تأنس بعد للهزيمة .
أطفال غزة ،أيها الراحلون الى المجد باقتدار ، يا من أقسمتم أن يكون ربيع غزة هذا العام من دمكم ، نرجوكم لا تبحثوا عنا ، فنحن مجرد أشياء لها أطراف وعيون وعنفوان بائس وشجاعة لم تصل سن البلوغ. أطفال غزة، أشفقوا علينا من ابتساماتكم وأنتم ترحلون فجرا شهداء ، نقسم عليكم أن تذهبوا طاهرين طيبين رائعين قبل أن تراكم أعيننا ، فتبعث في أجسادكم اللدنة ارتعاشة من ذلنا وجبننا ، ارحلوا وفي عيونكم الجميلة رسما لوطن تنمو أشجاره ودحنونه وزعتره على أجسادكم الشريفة .
يا أطفال غزة ،دمكم وحده من سيعيد لشمسنا ألقها، وهو فقط من سيبعث في ذاكرتنا بعض ذكرياتها القديمة، بأننا بشر يغضبون حين يلامس النصل مواضع عفتهم ، وأننا لسنا في حظائر الشيطان مجرد حيوانات أليفة.