لمن تزغرد البنادق
زكريا النوايسة
أللراكعين بلا صلاة ، الخاشعين المتبتلين في معبد ( باراك ) الإله؟!
أم للدم من شقوق الوجع دافق؟
للراحلين فجرا يحملون دمهم دافئا يستفتحون به بوابات السماء.
لمن تغني وتزغرد السيوف والرماح والبنادق ؟
أنها لطفل أقسم يمينا ونذر لوجه الله أن يبرَّه
بأن يأتيه يحمل وسام الدم صبيحة غزة الأحمر
متوضأ ليلا بالتراب المعطر
وقابضا على جديلة أمه ويُقسم أن الفجر رغم العتم قد أشرقْ
فهاهو ينضو عن كتفيه طفولته البريئة
ويزرع في كفه الوردي عزم الرجولة
ويفتح باب غزة المشرع على الحرية
ليبتسم للشمس والسماء ولقطرات مطر أصرَّت أن تأتي بلا غيم ،فزمن طفل غزة لا يأتي إلا على الإستثناء، فلا فرق بين كركرة بريئة وزمجرة طائرة حربية .
وهو يصر إلا أن يسخر من زمن القذائف فيبصق على ( أباتشي) دول الحرية ويرمق وجه الشيطان بعيني صياد حاذق ، قطعا هو لم يصبها ولم تهوِ على الأرض كما يرغب ، ولكنه أسقط وجوههم المهترئة وهو في كل ما قال وما فعل هو وحده الصادق.
*****
أيها الدم ، أيها اللحم المنثور في حقولنا ، وسماؤنا كريمة بالمطر
فهل هو موسم حصاد الشهداء ؟
وهل سيثمر كرمنا غدا عنبا شهيا بطعم الشهادة ؟
آه ما أجملها من دقائق تشعر فيها أنك لست الى نقص بل الى زيادة
أه ما أعذبها من ليالٍ تحلم فيها أنك توشك أن تدق عنق الشيطان وتحرق زيفه وتطفئ نار زناده.
يا ليت لنا ليلة مثل ليالي غزة
يا ليت لنا صبيحة مضرجة بالدماء المُستفَزة
فقلوبنا قد رانَ عليها صدأ السنين المُترفة
فهل من فجر أحمر يغمسنا بماء العزة ؟ ليبعثنا من جديد بشرا يؤمنون أن الكرامة ضرورة ،وأن القدس ما زالت سيدة تنتحب على مذبح الموت( الشاروني ) الكريه.
يا طفل غزة حررنا من ضجيجنا ، وانقلنا الى زمانك المقدس وعلق في رقابنا تميمة النصر ، فنحن – يا سيدي – محضُ صوت لا يجيد إلا العزف على الحُنجرة.
*****
لِمنْ تُزغرد البنادق
لطفل غزة الذي باع َدمه لله فربح بيعه؟
أم للشيطان جاءنا يلبس وجه جالوت وبقبضة ( شمشونه ) يهوي على قلب غزة ؟
أم لشيطان ما زال يلبس لبوس كسرى وينفث في عيوننا سحره العلقمي اللعين؟
فيهتف الأطفال تُباً للشيطان ، ويتردد في الأرجاء الصدى تُباً للشيطان عاشت غزة ..عاشت غزة .
وينفجر شلال الدم فترتوي الأرض منه وتتعطر ، فينبت دحنون أحمر مطرزعليه أسماء الشهداء وصورا لأطفال يرفعون للنصر إشارة.
يا طفل غزة ، بعض بني قومي نام في حضن الشيطان ، فأهدى لمذبحه جبنه وهوانه ، وحديثه المنمق الزائف ، ولم ينسَ أن يهدي بعد ذلك قبلة للشمعدان.
وبعضهم -يا سيد هذا الزمان - سحب يده من يد أبي بكر وأدار ظهره لعمر ، وسعى يبحث عن النصر تحت عمامة سُلخت تحتها من قبل بغداد ، فهل يأتي النصر من يدٍ تنام على غدرٍ وتفيق على غدر؟.
يا طفل غزة ، تُباً للشيطانين ، فهما والغين في الدم المُسال ، وعيونهم الحمراء تبحث في الأرجاء عن طفل غزيّ نذر دمه للفداء، وعن سيدة أعلنت أنها ستُنجبُ ألف طفل دمهم لا يعرف الإنحناء.
فتُباً لهم وعاشتْ عاشتْ غزة.
المصدر موقع الكاتب زكريا النوايسة
http://zakareya.nawiseh.com/