نايف النوايسة : عطاء غير منقطع فـي السنوات العشر الأخيرة
الدستور - عمر ابوالهيجاء
مدينة الكرك هي المدينة الثالثة للعام الحالي ضمن مشروع المدن الثقافية الذي تشرف عليه وزارة الثقافة وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني الذي عني بالثقافة والفن ودعمهما ، حيث يعد مشروع المدن الثقافية مشروعا رائد في الوطن العربي لم يسبق الاردن اليه اية دولة عربية.
"الدستور" حاورت منسق مدينة الكرك الثقافية الكاتب نايف النوايسة حول مشروع المدن الثقافية وعن الانجازات الثقافية في عهد جلالة الملك خلال السنوات العشر ، وعن مدينة الكرك الثقافية ومكانتها التاريخية وعن مشاريعها خلال هذا العام وعن اهمية الثقافة والفن في حياة الانسان. فقال: توجد الثقافة حيث يوجد الإنسان ، فالثقافة هي الإنسان حيث وجد في أي مكان بمعنى أن العقل يؤسس على الأرض وبتراكم زمني كل معاني الثقافة ، ونحن إذ نلاحظ ثمراث الثقافة في الزمن والمكان فيعني هذا ثبات الحضور الإنساني منذ كانت الأرض. الأردن ، منذ زمن بعيد احتضن تراكمات حضارية كبيرة تؤشر إلى استقرار الإنسان على ترابه ، وفوق ذلك ولدت على الأرض إبداعات ثقافية مذهلة كمأثرة الأنباط حين عمّروا الخط العربي بجوار جوهرتهم الخالدة "البتراء"، ومواقف المؤابيين حين صمدوا بوجه اليهود ، كما استطاع ميشع المؤابي الكركي أن يدحض الروايات التوراتية بحجره الشهير الذي ذكر فيه انه هو الذي بنى الكرك.
وفي الكرك حصلت معركة مؤتة الخالدة وهي أول مواجهة ما بين العرب المسلمين وقوى الظلم والقهر والاستعباد ، وكانت فتحا لرايات الإسلام شرقا وغربا.
وأكد النوايسة: بأن الاردن حقق انجازات ثقافية كبيرة في العشر السنوات الأخيرة سواء فيما يتعلق بالبنية الثقافية التحتية أو النشاطات والمشاركات الثقافية في الداخل والخارج ، فقد احتضن سنة 2002 احتفالية عمان عاصمة الثقافة العربية ، وها هو في هذا العام 2009 يحتضن انطلاق "القدس عاصمة الثقافة العربية "، بالتزامن مع انطلاق فعاليات" الكرك مدينة الثقافة الأردنية". مبينا بأن الكرك حالة فعل ثقافي دائم غير منقطعة ، ولا منكفئة على نفسها ، هي مدينة مفتوحة الأبواب لكل أبنائها ولكل العرب ، ولكل عشاقها من العالم ، ويشهد على ذلك الحراك الثقافي والسياحي الذي لا يتوقف ، من هنا تأتي احتفالية (المدينة الثقافي لهذا العام ) تتويجا ليقظة المدينة ، ووعيها ، وتواصلها الثقافي سواء بانبثاق فعاليات منها أو مشاركات أبنائها.
واضاف قائلا: بموجب تعليمات المدن الثقافية تم اختيار الكرك مدينة للثقافة الأردنية للعام2009 ، ويهدف هذا المشروع الضخم إلى تفعيل الحراك الثقافي في المدينة وتحقيق اكبر قدر من تبادل الخبرات بين منتجي الثقافة في المدن والعاصمة فضلا عن تطوير البنية التحتية الثقافية وربط المنتج الثقافي بالمنتج السياحي وتشجيع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية المحلية على المساهمة بالصناعات الثقافية والاستثمار في قطاع الثقافة ، بالإضافة إلى تفعيل دور الثقافة في إحداث التنمية الشاملة في المجتمع ، ومنذ أن حُدد دور الكرك في هذا المشروع والمدينة تشهد نشاطا ثقافيا واسعا وكأنها أرادت أن تثبت قدرتها الثقافية مبكرا ، وأحقيتها بهذا المشروع ، يمانا منها بان الأحياء وحدهم الذين يعملون ، والذي لا يعيش عصره ولا يساهم في مسيرته وتقدمه ونمائه ، فانه والأموات سواء بسواء. موضحا: بأنه تم تشكيل اللجنة العليا والمكتب التنفيذي واللجان التنفيذية بسلاسة ويسر لان الهاجس الثقافي هو رائد الجميع ، والجميل أن هذا الانسجام الملحوظ في تركيبة اللجان وما انبثق منها من لجان فرعية قاد إلى تسريع واضح في تبنّي خطط واعية وعملية وذات مرونة. فالمكتب التنفيذي بتواجد دائم من خلال الاجتماعات الدورية أو متابعة كل صغيرة وكبيرة كما أن اللجان التنفيذية باجتماعاتها الدورية المقررة وغير المقررة تسعى سعيها الدؤوب لتشغيل دولاب المدينة الثقافية بانسجام واتزان لان رائد هذه اللجان إنجاح مشروع المدينة دون الالتفات إلى بعض المعيقات أو تأخر الدعم المالي. إن تعقيل الخطى والنظر في كل البدائل وقراءة كل الاحتمالات هي جميعها محور الاجتماعات المتوالية ، وهذا النهج سيعطي للكرك ميزة الوصول إلى النتائج المرجوة إلى حد كبير.
واشار النوايسة قائلا: بدأت الشمس الثقافية في الكرك ترسل أشعتها إلى كل المهتمين بالشأن الثقافي داخل المحافظة وخارجها من خلال خطط اللجان المعنية :
ها هي لجنة الإعلام والتغطية الإخبارية تضع خططها في الترويج الإعلامي وتسعى بهذه الخطط إلى تجاوز القشرة السميكة التي تغلّف الأطراف والمناطق البعيدة عن العاصمة وتحاول اختراقها.. وهنا أوجه دعوة لكافة وسائل الإعلام والصحافة أن تلتفت إلى هذا المشروع الكبير الذي تتبناه الدولة وتسعى إلى إنجاحه ، فما الذي يمنع مؤسسة كبيرة وعريقة مثل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون من أن تتوافق خطواتها مع خطوات مشاريع الدولة الثقافية الكبرى دون أن تنتظر من الآخرين أن يطلبوا منها ذلك ؟، إن فعاليات هذه المدينة الثقافية لا تكتمل استدارتها إلا بوجود التغطية الإعلامية والصحفية وستقوم المدينة بالاتصال بكافة المعنيين بالشأن الإعلامي والصحفي وتقدّم لهم خططها وبرامجها حتى يتحمل هؤلاء المعنيون مسؤولياتهم الوطنية بصورة كاملة :فالوطن واحد سواء في عمان أو اربد أو السلط أو معان أو أي مكان أردني.. إن مظلة الدولة الأردنيةـ كما ترى اللجنة الإعلاميةـ هي مظلة لكل الأردنيين ، من هنا ينبغي أن تبادر وسائل الإعلام والصحافة بالاتصال ثم الوصول إلى مكامن الحدث الثقافي في الكرك بخاصة وان هذه المناسبة تتزامن مع انطلاق فعاليات"القدس عاصمة الثقافية العربية".
وبين النوايسة: بأنه قد أنشأت اللجنة الإعلامية موقع المدينة الالكتروني على الانترنت ، وتقوم الآن بسعي دؤوب إلى إصدار أول أعداد "جريدة الكرك"كما أنها أعلنت عن الفيلم الوثائقي عن المدينة ، ووضعت خطة شاملة للترويج الإعلامي. أما لجنة العلاقات العامة التي يقع على عاتقها العبء الأكبر من تحريك عجلة المدينة الثقافية فقد نقلت الخطط والتصورات والأفكار إلى برامج ونشاطات بدأ المتلقي الكركي يقطف ثمارها ، فهي الآن المعنية بالإعلام الجماهيري من خلال الملصقات والنشرات وتوفير كافة الأجواء والتسهيلات لإنجاح فعاليات المدينة الثقافية ، وسيرد ذلك كله في الكتاب الوثائقي الخاص بهذه الاحتفالية.
ووضعت لجنة الإصدارات والمسابقات الإبداعية خطتها الشاملة لإصدارات المدينة التي نسعى جميعا أن تكون ذات نوعية عالية بحيث تضرب إلى أعماق تاريخ هذه المدينة العريقة ودورها الرئيس في بناء الدولة الأردنية الحديثة ، فالكرك ليست منبترة عن محيطها الوطني والعربي ، لذلك لا بد من ايلاء الكرك اهتماما خاصا في الإصدارات حتى تسد فراغا ملحوظا عن تاريخ ومكان وإنسان هذه المدينة ، وستفتح المسابقات الإبداعية مجالا واسعا لكافة الذين يحبون الكرك ويسعون أن يكون لهم إسهام ثقافي مكتوب عن حقل مناسب من حقول الدراسة والبحث.
وتعد لجنة هيئات ومؤسسات المجتمع المدني المنجم الغني لصنع كافة الاقتراحات والأفكار ومشاريع النشاطات ، فأعضاء هذه اللجنة يمثلون كافة قطاعات المجتمع في الكرك وهم الإطلالة الذكية على الحاجة الثقافية لهم ومن خلال هؤلاء الأعضاء تُولد الخطوات العملية القادرة على صنع الحالة الثقافية وبثّ الوعي حولها عند اللجان الأخرى وفي أوساط الجمهور ، بمعنى أنها شريك استراتيجي بوضع خطة الفعاليات وتنفيذها من خلال بث حالة الوعي الجماهيري بجدوى الفعاليات ، والإسهام بقراءة الحالة الناتجة وتوجيه اللجان الأخرى إلى سبل أجدى لتحقيق النجاح.
وذكر النوايسة بأنه قد تسلمت المدينة مئات المشاريع والبرامج من كافة أنحاء الأردن ، وهذا دليل ثقة واعتزاز بالكرك ، والمشاريع متراوحة في قوتها ومعقوليتها لأهداف المدينة الثقافية وقريبا ستفرغ لجنة خاصة من قراءتها واختيار الأفضل والأجدى منها.
إن الكرك الثقافية هي ثمرة من ثمار الثقافة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ، والتي نسعى من خلالها إلى إحراز الوزن الثقافي الحقيقي للأردن ، وجعل الإنسان الأردني أمام مسؤولياته سواء أكان مسؤولا أو مواطنا عاديا ، لان بناء الدولة لا ينهض مطلقا إلا إذا قامت كافة القطاعات بواجباتها.. إن العمل الثقافي الأردني في العشر سنوات الأخيرة قفز قفزات نوعية من خلال الإنسان والكتاب والمؤسسة الثقافية والاهتمام الرسمي الملحوظ بهذا الشأن الخطير ، والدليل على ذلك دعم وزارة الثقافة ماليا لتحقيق مشاريع رائدة في خططها المتوالية.
Date : 07-04-2009